هل قامت El Mundo بفبركة حوار ناصر الزفزافي؟ الصحيفة الإسبانية ترفض التعليق ووالده يتحفظ
خلّف الحوار الذي نشرته صحيفة "إلموندو" الإسبانية في عددها يوم أمس الإثنين، والذي تقول فيه بأنها أجرته مع قائد حراك الريف، ناصر الزفزافي، من داخل محبسه بطنجة، حيث يقضي عقوبة 20 سنة سجنا نافذا بتهم تتعلق بـ"تهديد أمن وسلامة الدولة"، (خلف) الكثير من علامات الاستفهام والتساؤلات التي فرضتها الظرفية الحالية التي تتسم بتأزم العلاقات الثنائية بين المغرب وإسبانيا.
ويلعب توقيت نشر هذا الحوار وبعض التفاصيل التي رافقت ذلك، دورا مهما يجعل التشكيك في صحته أمرا مرجحا بقوة، حيث يأتي في وقت تجد إسبانيا نفسها في موقف محرج بعد افتضاح تنسيقها مع الجزائر لاستضافة زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، إبراهيم غالي، بجواز سفر مزور وإسم مستعار، حيث يتعالج في أحد مستشفياتها، رغم أنه مطلوب للقضاء الإسباني في جرائم ضد حقوق الإنسان كـ"التعذيب والاغتصاب".
نص الحوار الذي اطلع عليه موقع "الصحيفة" كاملا في النسخة الورقية لصحيفة إلموندو، يتضح أنه لم يأت في معظمه بجديد، وكل ما تضمنته "أجوبة ناصر الزفزافي"، هي أجوبة معروفة وسبق أن تم تداولها في الصحافة المغربية في أوقات سابقة، وبعضها منشور عبر صفحة والده بموقع الفيسبوك، فيما أخرى كانت قد تسربت عبر تسجيلات صوتية خاصة تلك التي تتعلق بالتعذيب، وهو الجانب الذي ركزت عليه الصحيفة الإسبانية أكثر في عنوان الحوار.
إضافة إلى ما سبق، تداولت منابر إعلامة مغربية، نقلا عن موقع "العالم الأمازيغي" تصريحا لوالد ناصر الزفزافي، ينفي فيه أن يكون الحوار الذي نشرته صحيفة "إلموندو" حقيقيا، ورجح أن يكون حوارا مبنيا على تسجيلات سابقة.
في هذا السياق، حاول موقع "الصحيفة" التواصل مع أحمد الزفزافي، والد ناصر الزفزافي، أكثر من مرة للتأكد منه شخصيا حول كل هذه المعطيات، إلا أن هاتفه ظل يرن دون مجيب، رغم الرسائل العديدة التي تم إرسالها له.
هذا في الوقت الذي قالت أمينة ابن الشيخ، مديرة ورئيسة تحرير موقع العالم الأمازيغي، في تواصل مع "الصحيفة"، بأن أحمد الزفزافي أكد في تصريح هاتفي للموقع، أن الحوار الذي نشرته صحيفة "إلموندو" لا أساس له من الصحة، وأن ما نُشر قد يكون محاولة ضغط من إسبانيا على المغرب مستخدمة ناصر الزفزافي.
وراسل موقع "الصحيفة"، جريدة "إلموندو" الإسبانية مستفسرا عن صحة الحوار الذي نشرته، خاصة أن هناك شكوك تحوم حوله، إلا أن الموقع لم يتوصل إلى حد الساعة بأي جواب. كما تمت مراسلة الصحافي Antonio Sempere الذي يوجد إسمه على الحوار المفترض لناصر الزفزافي، غير أن الأخير فضل عدم التفاعل مع تواصلنا معه.
وفي ظل كل هذا الغموض الذي يَلف حوار ناصر الزفزافي المفترض مع صحيفة El Mundo تبقى الشكوك مطروحة بقوة حول صحّة ومصداقية الصحيفة الإسبانية، وجل تلك الشكوك مبنية على أسس صلبة، فـ"إلموندو" المعروفة بدفاعها عن المصالح الإسبانية، لم تهتم كثيرا بالتطرق إلى القضايا المرتبطة بحراك الريف، ومنذ سنة 2018 لم تنشر الجريدة سوى 4 أخبار مرتبطة به، فما سبب توجهها في هذا الوقت لإجراء حوار كامل مع ناصر الزفزافي ونشره الآن؟ ولماذا ترفض الصحيفة الإسبانية التعليق على صحّة الحوار؟ ولماذا تفادى الصحافي الذي أجرى الحوار المفترض أن يؤكد إجراء الحوار مع ناصر الزفزافي؟
الظرفية الحالية، بدورها تفتح المجال أمام العديد من الشكوك، فالعلاقات الثنائية بين المغرب وإسبانيا متأزمة بسبب قضية زعيم جبهة البوليساريو الإنفصالية الذي يوجد على التراب الإسباني. كما أن التقاط المخابرات المغربية لدخول إبراهيم غالي إلى إسبانيا بجواز سفر مزور وإسم مستعار شكل فشلا ذريعا للمخابرات الإسبانية بعد عدم قدرتها التستر على إدخال زعيم الجبهة إلى مستشفى "سان بيدرو" بمدينة لوغرونيو شمال إسبانيا دون أن علم المغرب.
كما أن تسريب المخابرات المغربية لمعطيات دخول زعيم جبهة البوليساريو إلى إسبانيا بمعطيات مزورة إلى مجلة jeune Afrique الفرنسية التي نشرت الخبر حصريا وضع مدريد في حرج كبير، وهو ما يرجح أن يكون قد أزعج جناح اليمين داخل دواليب الأجهزة الأمنية والعسكرية في إسبانيا، قابله نشر "حوار مفترض" لقائد حراك الريف المعتقل بسجن طنجة على صفحات El Mundo كنوع من تبادل الرسائل بين مدريد والرباط على صفحات الجرائد!